تعليق زيادة الحد الأدنى للرصيد في البنوك
Blog post description.


بقلم: المحامي خالد الشيزاوي
تعليق زيادة الحد الأدنى للرصيد في البنوك.. رؤية قانونية في ضوء تعميم "المصرف المركزي"
أصدر مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي صباح اليوم تعميمًا ملزمًا لكافة البنوك العاملة في الدولة، قضى فيه بـ تعليق أي زيادات على الحد الأدنى للرصيد المطلوب في حسابات العملاء، وذلك حتى إشعار آخر، في خطوة اعتبرها كثير من المتابعين استجابة مباشرة للانتقادات الواسعة التي أُثيرت عقب إعلان بعض البنوك نيتها رفع الحد الأدنى للرصيد إلى 5000 درهم بدلاً من 3000 درهم.
الإطار القانوني للتعميم:
من الناحية القانونية، يستند هذا التعميم إلى الصلاحيات الرقابية والتنظيمية المخولة للمصرف المركزي بموجب:
القانون الاتحادي رقم (14) لسنة 2018 بشأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية، والذي يمنح المصرف سلطة:
"وضع الأنظمة والتعليمات والضوابط التي تضمن استقرار النظام المالي وحماية العملاء، وضمان شفافية المنتجات المصرفية."
ووفق المادة (121) من القانون ذاته، يحق للمصرف المركزي إصدار التعليمات الملزمة للبنوك العاملة في الدولة لتنظيم الممارسات المصرفية، بما في ذلك الرسوم، وشروط الحسابات، وحدود الأرصدة الدنيا.
لماذا التدخل؟ حماية للمستهلك المالي
النية المعلنة لبعض البنوك لرفع الحد الأدنى للرصيد أثارت موجة من القلق، خصوصًا بين فئات ذوي الدخل المحدود والطلبة والعاملين في القطاع الخاص، لما يترتب على تلك الزيادة من خصومات شهرية إضافية في حال عدم الالتزام بالحد الجديد، وهو ما يُشكل عبئًا مالياً غير مبرر على العملاء.
تدخل المصرف المركزي في هذه المرحلة يؤكد على الدور الحيوي الذي تؤديه الجهات الرقابية في حماية حقوق المستهلك المالي، وتعزيز مبدأ الشفافية والتوازن في العلاقة بين البنوك والعملاء.
قراءة قانونية للتعميم:
ملزم قانونًا: يعتبر التعميم الصادر عن المصرف المركزي بمثابة أمر تنظيمي نافذ يجب على جميع البنوك الالتزام به فورًا، وفي حال المخالفة، قد تتعرض البنوك لإجراءات رقابية قد تشمل الغرامات أو التوبيخ أو تعليق بعض الامتيازات.
لا يجوز تطبيق الزيادة مؤقتًا: أي بنك يُقدم على تطبيق الزيادة قبل إشعار رسمي من المصرف المركزي يكون مخالفًا للقانون.
المصرف المركزي جهة استئناس وتشاور: قرار دراسة الأثر يعني أن المصرف المركزي قد يفتح المجال لتعديل السياسات لاحقًا، لكن بناء على تقييم مدروس يوازن بين مصلحة العملاء واستدامة القطاع المالي.
التوصية القانونية للمستهلكين:
يجب على العملاء متابعة كشوف الحسابات الخاصة بهم خلال الأشهر المقبلة، والتأكد من عدم استقطاع أي رسوم إضافية تتعلق بالحد الأدنى للرصيد.
في حال حدوث خصومات مخالفة للتعميم، يمكن رفع شكوى مباشرة إلى المصرف المركزي عبر منصته الإلكترونية أو الاتصال بمركز حماية المستهلك المالي.
خاتمة:
يُعد هذا التعميم نموذجًا واضحًا على تدخل الدولة لحماية مصالح الأفراد في النظام المالي، وتأكيدًا على أن البنوك ليست مطلقة اليد في فرض الشروط المالية دون رقابة. ويبقى دور المصرف المركزي أساسيًا في ضبط توازن العلاقة بين المؤسسات المصرفية والعملاء، بما يحقق العدالة، ويعزز ثقة الجمهور بالنظام المالي الوطني.

